الصفحة الرئيسيةمراكش الذاكرة

لولا الحمار في مراكش لكانت الحياة مستحيلة

أرشيف المراكشية

يصف دوفردان الدور الحاسم الذي لعبه الحمار في حياة المراكشيين، وأهميته الاقتصادية حيث يقول :

« ليس مرادي هنا رد الاعتبار للحمار، لأني لست أول من يشير إلى أهمية الخدمات التي قدمها و يقدمها الحمار في حوض البحرالأبيض المتوسط .

وقد أدت غارات البدو إلى التخلي عن التنقل بالعربات ذات العجلات بشمال إفريقيا، إلا أن ذلك لم يؤثر في عاصمة الجنوب : فقد عرفت مراكش الجمال والخيل منذ القديم.

و لاريب أن الحمار له نفع كبير في هذه المدينة المستوية الفيحاء، و هو الدابة بامتياز : فهو صغير الحجم، عنيد بل متصلب الرأي، يقوى على التحمل كثيرا ويستطيع أن ينسل في كل مكان و يشق طريقه فيالزحام، و لو اقتضى الأمر قرع المارة. وأهل المدينة لم يستغنوا عنه أبدا : عيْنَا خُرجه ينقلان كل شيء من خارج المدينة إلى داخلها : مواد البناء والفواكه و الخضراوات و اللحوم و التبن والحشيش، وأيضا الأزبال و المصنوعات في الاتجاه المعاكس. فبدون الحمار لايمكن حمل الرحل، و لا الذهاب إلى النزهة، و لن تجد العامة ركوبا، و لن توزع البضائع المستوردة بعد تخزينها في متاجر الجملة.

ومع ذلك فالناس يعاملونه بقسوة، عكس ما تتمتع به بغلة الغني الفارهة من عناية، وما يحظى به «كنار» ذوي العواطف الرقيقة من رقة و لطف. فالحمار مسحوق تحت حمل ينوء به، و السب واللعن يتبعه؛ و يستحث وخزا بإبرة طويلة تدمي غاربه، و مع ذلك فهو خدوم؛ ولا دابة غيره تقوم مقامه . فلولا الحمار لكانت الحياة مستحيلة بمراكش قبل 1912 . 

arArabic