الصفحة الرئيسيةملفات خاصةمراكش الذاكرة

في جامع-الفنا .. زوار يقتنون “حجاب القبول” وآخرون يشترون الدواء

ع الصمد الكباص / أرشيف المراكشية

كلما تحركت بالساحة تراها تزداد شساعة لن تستطيع أن تموقعها إلا بقلبك وستندهش للعيادات المفتوحة في الهواء الطلق لأطباء جامع الفنا الذين يقترحون عليك دواء لكل داء وخاصة الأمراض المستعصية على الطب الحديث 

الكشف والتشخيص يتم في كلمات وليس هناك استثناء من المعالجة من السيدا والسرطان وبوزلوم والشقيقة (الصداع النصفي) وآلام الظهر وغيرها
 ستجد الصحراوي مول بيض النعام “يقترح عليك أعشابا ساخنة لطرد البرد من العظام وتقوية “القدرة على الباه” وستجد تجمعا هادئا يكاد لا يسمع همسه• فتندس فيه لتجد الرجل إياه المقرفص في الوسط المحاط بالتوابل والأعشاب يقترح على من يقصده وصفات لمقاومة الشيخوخة الجنسية والعجز وتقوية العضو الذكوري وإطالة عمر الإحساس باللذة
وغير بعيد عنه ستجد العشرات من الزوار ممن يقتنون “حجاب القبول” من عند الفقيه الذي يتحدث في كل شيء، في الخير والرذيلة والحق والباطل وسحر النساء وكيدهن العظيم، ستسمعه يقول أن أنطونيو كوين قصده أيام شبابه لاقتناء “حرز القبول” لإزالة النحس من طريقه
ستتيه في ساحة العجائب، سترى الكثير من الناس يشربون المستخلص إياه من بائع الأعشاب الذي يضمن لعضوهم الانتصاب الى الأبد، ستجدهم يتكدسون على عربات “خود نجال” والمساخن ويقطعون الساحة جيئة وذهابا بحثا عن لذة أخرى•
 
الوليمة
 
الجوع مستحيل بجامع الفناء، ففيها ألف وجبة ووجبة من درهم الى ما شاء جيبك. الأدخنة المتصاعدة بكثافة تقودك توا إلى مطاعم النقانق المشوية
 يلزمك وقت طويل لتحصل على مكان بالكراسي الحديدية المتزاحمة بالأفواه الشرهة، ستدمع عيناك كثيرا من الدخان الذي يهاجمها، سيضع أمامك النادل أولا ودون أن يلتفت نحوك صحنا من طحينة الطماطم ونصف خبزة• وبعدها يسأل “صوصيس أم طحال؟”، يأتيك الطبق سريعا ليعيد سؤالك “كأس شاي أم مو نادا”؟”
 ستأكل وتأكل وتحس أن أطرافك تهتز رغما عنك طربا، فعلى يسراك تشدو فرق كناوة بهدوء ويتصاعد ايقاعها مع مرور الليل عندما تشتهي السمك المقلي تقصد “مطعم المريطة وقد تفضل “باولو” أو الشواء أو الكباب وقد تكتفي بحريرة أو ببناشي أو التقلية أو رؤوس الغنم
في الساحة يوجد كل ما تشتهي الأنفس وما تتوق إليه من جنون تنجذب قليلا نحو ضفافها ويستهويك الجلوس في مقاهيها… تتقدم رويدا هناك يستوي كافي دو فرانس حيث يثيرك الرجل بهدوئه يضع كأس النعناع أمامه ويبتسم وسط أصدقائه المغاربة لم تخطئ النظر إنه الكاتب العالمي خوان غويتسولو
 تلتفت غير بعيد عنه ستجد صاحب رواية زرياب الإسباني “خيسوس غريس” يجالس بعض أصدقائه من الپاييس ومن كبريات دور النشر بإسبانيا وفي العمق الشاعر أحمد بلحاج آية وارهام يحتفي بعزلته بأناقة، يضع الكتاب أمامه والقهوة السوداء وورقة صغيرة مدسوسة بينهما لا لتقاط اشراقات الرؤيا بما تجود به حضرة المكان
 
آخر الليل:
 
قد تكون من عشاق السهر.. في الليل تكون مراكش قصيدة أخرى، تغادر المدينة العتيقة في اتجاه الأحياء الجديدة• حيث تتجمع المركبات السياحية الكبرى، فتحت أرض مراكش تنمو حياة ليلية باذخة في مفاجآتها هناك قد تلتقي حوريات لا يظهرن إلا بالليل
 قد تلتقي أي شيء خارج للتو من مجون الأحلام ستكتشف أن للجنون معنى آخر في ظلام مراكش وأن للتيه مذاق السحر في نهارها• تعود الى فراشك مشبعا بكل ما يهبه الحلم من شهوة في الحياة ستستعجل نومك لتبدأ من جديد ….فمراكش بداية دائمة لمتعة لاتنتهي
arArabic