الصفحة الرئيسيةأخبار العدوان على غزة

أبناء الخالة وكتمان السر.. من هما منفذا عملية مستوطنة أرئيل؟

بعد ساعات من البحث والتمشيط، اعتقل الاحتلال الإسرائيلي مساء أمس السبت من ادّعى أنهما نفذا “عملية سلفيت” (مستوطنة أرئيل) مساء أول أمس الجمعة وقتلا جنديا إسرائيليا يعمل حارسا للمستوطنة.

وتزامنا مع وقت الإفطار في اليوم ما قبل الأخير من شهر رمضان، كانت عائلتا محمد مرعي (50 عاما) وسميح عاصي (45 عاما) على موعد مع اقتحام كبير نفذه جيش الاحتلال لمنزليهما في بلدة قراوة بني حسان قرب مدينة سلفيت شمال الضفة الغربية، أعقبه اعتقالهما و5 من أبنائهما بينهما المتهمان يحيى ويوسف، ثم نشر صورهما وسلاح العملية.

وقد تسللت قوات خاصة إسرائيلية عبر مركبات مدنية وحاصرت بشكل مستقل منزلي محمد مرعي وسميح عاصي ثم دهمتهما مع جنود الاحتلال الذي ما لبث أن اقتحم القرية بنحو 40 آلية عسكرية تقلّ عشرات الجنود المدججين بالسلاح.

ومن بين ذويهم، اعتقل الجنود يحيى مرعي (20 عاما) ويوسف عاصي (21 عاما)، واعتدوا عليهما بالضرب المبرح أمام عائلتيهما، وأجبروهما على خلع ملابسهما، واقتادوهما مكبلين إلى دورية الاعتقال.

ثم عاد الجنود ليعتقلوا والد يحيى وشقيقه منتصر (16 عاما) ووالد يوسف وشقيقيه: عُمير (16 عاما) وبلال (15 عاما)، وتم التحقيق ميدانيا مع العائلتين وسط تنكيل بأفرادهما وعبث وتخريب لمنزليهما، ومصادرة مركبة والد يوسف.

مشهد الاعتقال عاشه أهالي قراوة بكل تفاصيله، أما السر الذي لم يكشف بعد فلا يزال بعهدة الصديقين يحيى ويوسف، إذ شحَّت المعلومات إلا من ادعاء الاحتلال واتهامه لهما بتنفيذ “عملية سلفيت” عبر وسائل إعلامه المختلفة.

أما الحدث فقد وثقته كاميرات الاحتلال ونشرته، إذ اقتحم “المنفذان” يحيى ويوسف المدخل الغربي لمستوطنة أرئيل الجاثمة فوق أراضي مدينتهما (سلفيت) بمركبة تحمل لوحات تسجيل إسرائيلية، وما إن وصلا حتى فتحا النار من بنادقهما الخاصة المصنعة يدويا والمعروفة “بالكارلو” صوب المحرس وأطلقا على جندي أوكلت له مهمة الحراسة فسقط قتيلا قبل الانسحاب بحرفية عالية وكأن شيئا لم يكن.

“يحيى العياش” ويوسف الأسير

وحسب أقربائهما، تربط بين يحيى ويوسف فضلا عن القرابة فهما أبناء خالة علاقة صداقة متينة أساسها تقارب بالسن وبوح مشترك وصفات كثيرة تجمعهما أهمها “الهدوء التام ومحبة الناس وكتمان السر”.

يقول مهند مرعي عم يحيى -في حديثه للجزيرة نت- إن ما حدث لم تستغربه العائلة فقط بل البلدة بأكملها، مضيفا “كان شيئا غير متوقع ومستغربا من هذين الشخصين تحديدا”.

ويتابع مهند “رأيت يحيى مساء أمس بمنزل عائلته عندما ذهبت لأطمئن على والدي الذي يقطن معهم، ولم يبد عليه أي شيء، بل كان هادئا كعادته”.

ومنذ عامين أنهى يحيى ثانويته العامة من مدارس قريته قراوة بني حسان ولم يتمكن من السفر إلى الخارج لإكمال دراسته الجامعية بسبب تفشي فيروس كورونا، فآثر البقاء إلى جانب والده محمد الأسير المحرر ورجل الأعمال الناجح، فالتحق بجامعة النجاح بنابلس ودرس بها المحاسبة.

وظل يساعد والده بأعماله في شركتهم الخاصة بالمفروشات لا سيما أنه الابن البكر بين 6 من الأبناء لوالده بين الذكور والإناث.

تيمنًا بالقائد القسامي

وأطلق محمد مرعي (والد يحيى) اسم يحيى على نجله تيمّنا بالقائد القسامي الشهيد يحيى عياش الذي كان رفيق دربه في المقاومة، واعتقل مطلع ونهاية تسعينيات القرن الماضي مرات عدة قضى خلالها 12 عاما متنقلا بين مختلف سجون الاحتلال، وحكم في إحداها 9 سنوات متواصلة بسبب إيوائه أحد الاستشهاديين.

وداخل سجنه عرف والد يحيى بخلقه العظيم وتفانيه في خدمة الأسرى الذين وثقوا به، فأرسلوه لخدمة الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حين كان معتقلا في سجن الرملة.

ومثل يحيى، كان صديقه يوسف يعمل بأحد منشآت البلدة التجارية من دون أن يكمل تعليمه، غير أنه تعرَّض للاعتقال لدى الاحتلال الإسرائيلي وأفرج عنه قبل نحو عام بعد قضائه 6 أشهر في سجونه.

ومع ذلك “لم يكن لديه أي نشاط سياسي أو غيره مثل صديقه يحيى، ومعروف أنهما هادئان جدا”، حسب إبراهيم عاصي قريب يوسف ورئيس المجلس البلدي.

وتحيط بقراوة بني حسان 7 مستوطنات إسرائيلية تصادر إحداها أراضي من القرية البالغة مساحتها نحو 10 آلاف دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع)، في حين يعتقل الاحتلال 15 شابا من القرية، يقضي أحدهم وهو عبد العزيز مرعي حكما بالسجن 35 عاما بتهمة مساعدة الشهيد مهند الحلبي بتنفيذ عملية طعن عام 2016 في القدس وقتل إسرائيليين.

القرية الحاضنة

وفي الشأن ذاته، يقول فؤاد الخُفَّش الباحث بشؤون الأسرى الذي كان رفيق محمد مرعي (والد يحيى) بالمعتقل، إن قراوة بني حسان عرفت فضلا عن إيوائها للمناضلين بخروج مقاومين منها أمثال عدنان مرعي وعلي عاصي وساهر التمام وغيرهم.

لكن “عملية سلفيت” الأخيرة تميزت وفق الخفش بتوقيت “سبت اليهود” وآلية تنفيذها وسرعتها وتضليل الاحتلال على مدى يوم كامل بالبحث عن المنفذين، مستخدما عناصر مختلفة من جيشه ووحداته الخاصة.

كما تكمن أهميتها، وفق الخفش المنحدر من محافظة سلفيت، في أنها نفذت في مستوطنة أرئيل “ثاني أكبر مستوطنة بالضفة الغربية والأكثر تعزيزا أمنيا وعسكريا، وفي منطقة تعج بعشرات المستوطنات ونقاط الجيش العسكرية”.

وأضاف الخفش -الذي حذف فيسبوك منشوره حول تاريخ “أبو يحيى” النضالي- أن العملية أعادت الاعتبار للقضية وللشعب الفلسطيني وأكدت أنه لا يساوم على حقوقه، وبعثت برسالة للمستوطنين تحديدا الذين يقتحمون المسجد الأقصى.

عمر أبو ليلى.. المشهد ثانية بحرفيته

وأعادت “عملية سلفيت” الأخيرة لأذهان الفلسطينيين ما قام به الشهيد الشاب عمر أبو ليلى ابن قرية الزاوية القريب من قراوة بني حسان حين نفذ عملية مزدوجة بين طعن وإطلاق نار وقتل إسرائيليين قرب مستوطنة أرئيل في منتصف مارس/آذار عام 2019.

و”عملية سلفيت” هي الثانية والأخيرة في شهر رمضان بعد عملية رعد الحازم ابن مدينة جنين التي نفذها في مدينة تل أبيب وقتل فيها عددا من الإسرائيليين.

موقع الجزيرة

arArabic