الصفحة الرئيسيةثقافة \ أبحاثملفات خاصة

علماءابن يوسف.. حوار شيق خاص مع عبد القادر حسن ج1

خاص بالمراكشية / أجرى هذا الحوار د. نورالدين أيمان لفائدة جريدة العلم سابقا

لا أدري كيف أفتتح هذا اللقاء الذي يجمعني معكم، ولا كيف أماشيه معكم، لأن كثيرا من الوجوه لا تعرفني، كما أنني لا أعرف الكثير منها . فأنا خرجت من مدينة مراكش منذ 30 سنة، والجيل الذي ولد في الخمسينيات والستينيات لا يعرفونني ولا يعرفون عني شيئا إلا ما يسمعونه أو يقرءونه . المهم أريد أن أتحدث عن مراكش وعن تحصيل العلم فيها في وقتنا وكيف كنا نتلقى المعرفة ونكابد في سبيل الحصول على جزء منها .

إنها بالفعل فاتحة عهد جديد بيني وبين بلدي مراكش التي فيها ولدت، وفيها تربيت، وفيها درست، وبها ، مع ثلة من أبنائها كوّنا جيلا من الوطنية الصادقة. ومنها تخرج العديد من المقاومين الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم فداء لهذا الوطن.

لم تكن لنا نوادي ولم نكن نحلم أن يكون لنا ذلك في تلك الوقت كانت منازلنا هي نوادينا، وكنا نحن الطلبة قلائل على رؤوس الأصابع.

كان يكبر، ويصغر الجمع الذي تتعاون فيه على اکتساب ما اكتبناه من الثقافة. كنا نتبادل المعلومات فيما بيننا، ونتبادل الكتب التي نحصل عليها ونعمل على اكتساب ما ليس موجودا في خزانة بن يوسف. لن أدخل في مناقشة إشكالية المؤسسة ، هل هي جامعة أو كلية، لأني أعتبر هذا نوعا من الفضول التاريخي. فليس هناك جامعة بمعنى الجامعة المتعارف عليها لا في فاس ولا في مراكش. لذا لا معنى لطرح الموضوع . لقد كنا نتلقى في ابن يوسف ما كان يتيسر من المعرفة، وكان المجال ضيقا لأقصى الحدود. فالعلماء، ولا أنقص من قيمتهم الدين كانوا يشغلون الميدان، كانوا لا يختصون إلا في النحو والفقه والقليل جدا كان يتعاطى لشيء من الحديث . أما التفسير فقد كان تقريبا محرما، حتى جاء أستاذنا الجليل م أحمد العلمي، وهو أول من ولج هذا الميدان . كنا نتلقى المعرفة سواء تلك التي نحصل عليها في ابن يوسف، أو تلك التي كنا نضطر ان  نذهب إلى الأساتذة الذين كان يتلقى عليهم ابن ابراهیم دروسه ويستشيرهم

وفي يوم من الأيام اشترى ابن براهيم كتابا للحريري وهو (المقـامــات)، والكتاب من المؤلفات الأدبية البسيطة التي كانت موجودة في السوق. وكان ابن إبراهيم يضطر لأن يقرأ كل يوم صفحات منها، ويدسها تحت فراشه حتى لا يقع عليها والده. وفي يوم كان خارج البيت، عثر الوالد على الكتاب فأخذه إلى الفقيه الذي يُدرس ابن إبراهيم، ولما رآه استنكر ذلك استنكارا عظيما وطالب الوالد بتأديب الإبن حتى لا يعود لمثل هذه الكتب.

هذه هي عقلية علماء ابن يوسف، لا يخرجون عن الفقه وتوابعه من نوازل … وهذا هو المناخ الذي عشنا فيه وتربينا فيه وقد كان له دور في تكوين شخصيتي. ففي فترة مبكرة وأنا لازلت أحفظ القرآن، وجدت كتاب عنترة، والخاص بسيرته في خزانة أخينا الأكبر الأستاذ أحمد العاصمي رحمة الله عليه، فأخذت أختلس منه ما تيسر لي من صفحات، وأقرأها في خفية . كنت أحفظ أشعار عنترة إلى جانب حفظ القرآن وأنا لم ألج بعد ابن يوسف .

هكذا كانت بدايتي. أدرس، وفي الوقت نفسه أبحث عن التسلية في أيام العطل … كنت أذهب إلى جامع الفنا إلى حلقة كانت عظيمة يتلو فيها شيخ ضرير واسمه (الكبيري) العنترية، وبعدها الأزلية. كان هذا الأخير يحفظها عن ظهر قلب ويسرد الوقائع بطلاقة

يتبع

 

 

arArabic