الصفحة الرئيسيةرأي

ما ذا تعني محاولة اغتيال رئيس العراق بطائرة مسيرة؟

ربما اعتاد كثيرون من متابعي الشأن العراقي، على مدار السنوات الماضية، مطالعة أخبار عن عمليات اغتيال، ناشطين سياسييين معارضين، في ظاهرة حيرت الكثيرين، إذ كانت تلك العمليات تنفذ بدقة، ويختفي مرتكبوها دون أثر، ومع كل عملية من تلك العمليات، كانت الأصوات تتعالى بضرورة كشف من يقف وراء ها، ومن ينفذها دون جدوى، بحيث لم تعلن السلطات العراقية في الغالب، عن مخططي ومنفذي معظم تلك العمليات.

أما فجر الأحد، السابع من نوفمبر، فقد شهد خروجا عن كل ما ألفه العراقيون، في سيناريوهات عمليات الإغتيال السابقة، التي شهدتها بلادهم، فالمستهدف هذه المرة كان واحدا، من أكبر قادتها السياسييين، إنه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أما الوسيلة فهي أكثر إثارة للدهشة والفزع،، طائرات مسيرة محملة بالمتفجرات، كانت تستهدف تحويل منزله إلى ركام، وربما القضاء عليه تحت هذا الركام، أما مسرح تنفيذ المحاولة الفاشلة فكان منزل رئيس الوزراء، المكان الذي يفترض أن يكون الأكثر أمنا بالنسبة له ، وسط منطقة عرفت بأنها أكثر المناطق تحصينا في بغداد “المنطقة الخضراء.

ووفق مراقبين، فإن كل تفاصيل محاولة الأحد الفاشلة، لاغتيال رئيس الوزراء العراقي، تثير الدهشة والفزع، وتؤشر إلى أن حالة السيولة الأمنية في البلاد، وصلت إلى منحنى خطير وتنذر بالمزيد، وتمثل محاولة الاغتيال الفاشلة لمصطفى الكاظمي، الأولى من نوعها التي تستهدف رأس السلطة التنفيذية في البلاد\، منذ اغتيال رئيس مجلس الحكم العراقي،عز الدين سليم في آيار/مايو من العام 2004.

وتثير المحاولة الفاشلة، مخاوف كثيرين من أن تكون مجرد بداية، لعودة الاغتيالات السياسية للبلاد، بهدف التأثير على القرار السياسي، ويرى المتخوفون من ذلك، أنه وإذا كانت الجهات المسؤولة عن تلك المحاولة، قد نجحت في الوصول إلى أعلى رأس، في السلطة التنفيذية في العراق، في منزله الذي يقع في أكثر المناطق تحصينا في بغداد، فما الذي يمنعها في تلك الحالة، من الوصول إلى مسؤولين آخرين، ربما لايحظون بنفس الدرجة من التأمين.

ورغم ظهور رئيس الوزراء العراقي، بعد محاولة الاغتيال الفاشلة، على رأس اجتماع ضم كبار قادة الأمن، إلا أن أجهزة الأمن العراقية، سيتعين عليها خلال الأيام القادمة، تقديم إجابات للعديد من الأسئلة، التي تتردد كثيرا داخل وخارج العراق، خاصة مع تأكيد وزارة الداخلية العراقية، على أن استهداف منزل رئيس الوزراء العراقي، لم يكن بطائرة مسيرة واحدة، بل كان بثلاث طائرات مسيرة ،تم تحميلها جميعا بالمتفجرات، ونجحت القوات الأمنية العراقية في إسقاط اثنتين منها، في حين نجت الثالثة لتنفذ الهجوم.

مرتبطة بالاحتقان السياسي

ويربط كثير من المراقبين، بين محاولة الاغتيال الفاشلة لمصطفى الكاظمي، وحالة الاحتقان التي يشهدها العراق حاليا، على خلفية نتائج الانتخابات النيابية المبكرة، التي جرت الشهر الماضي، وتقول وكالة رويترز في تقرير لها من بغداد إن الهجوم على منزل الكاظمي ” جاء بعد يومين من اشتباكات عنيفة في بغداد، بين قوات الحكومة وأنصار أحزاب سياسية مدعومة من إيران، ومعظمها له أجنحة مسلحة، بعدما خسرت تلك الأحزاب عشرات المقاعد في البرلمان في الانتخابات العامة التي جرت في العاشر من أكتوبر تشرين الأول”

وتضيف الوكالة قائلة، إن احتجاجات لأنصار الأحزاب، التي تعارض نتائج الانتخابات، تحولت إلى أعمال عنف يوم الجمعة الماضي، عندما رشق متظاهرون الشرطة بالحجارة، بالقرب من المنطقة الخضراء، مما أسفر عن إصابة عدد من الضباط، وردت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع، والرصاص الحي، فقتلت متظاهرا واحدا على الأقل، بحسب مصادر أمنية ومن مستشفى في بغداد.

وقد تباينت ردود أفعال الجماعات والأحزاب، الرافضة لنتائج الانتخابات، على محاولة الاغتيال الفاشلة للكاظمي، بين التشكيك والإدانة، فقد شككك قيس الخزعلي، زعيم “عصائب أهل الحق” ، في بيان له، في العملية، معتبرا إياها “محاولة لخلط الأوراق”.

وقال الخزعلي “بعد مشاهدتنا لصور الانفجار الذي حصل في منزل رئيس الوزراء، وملاحظة عدم وقوع ضحايا، فإننا نؤكد على ضرورة التحقق منه من قبل لجنة فنية متخصصة وموثوقة، للتأكد من سببه وحيثياته، فإذا لم يكن انفجارًا عرضيًا أو ما شابه، وكان استهدافًا حقيقيًا، فإننا ندين هذا الفعل بكل صراحة”.

وفي ظل عدم إعلان أية جهة، مسؤوليتها عن المحاولة الفاشلة، لاغتيال رئيس الوزراء العراقي، ينتظر العراقيون كما ينتظر العالم، تحقيقات جادة للوصول إلى مخططي ومنفذي الهجوم، وألا يكون مصير التحقيقات في هذه القضية، مماثلا لمصير تحقيقات، أجريت في جرائم اغتيال، شهدها العراق لعشرات من الناشطين المعارضين.

بي بي سي

arArabic