الصفحة الرئيسيةمراكش الذاكرة

كيف كان المتسولون العميان بمراكش يتعرفون على مبلغ الصدقة

للمراكشية : عمر أضرموش

نبْ عـلينا الله يرحمْ الوالدين” هذه الجملة طالما سمعناها تتردد على لسان بعض المتسولين الذين يمدون أيديهم بالحاح في مختلف الأمكنة وفي كل الأوقات .. شعارهم الدائم هو الحديث الشريف ” ان الله يحب العبد الملحاح ” !

 

وللكاتب البلغاري الياس كانيتي ( 1905 م ـ 1994 م ) مقال بديع يصور لنا حال المتسولين العميان بساحة جامع الفنا سنة 1956 ، نقتطف منه مايلي :

(( .. لدى وصولي الى مراكش ، وجدت نفسي فجأة وسط العميان .. ثمة مئات منهم ..أكثر ما يستطيع المرء أن يحصي ، يقفون صفا واحدا ، في بعض الأحيان ثمانية ، وفي بعض الأحيان عشرة .. كان كل رجل منهم يمسك وعاء خشبيا للصدقات ، وحينما يتسلمون صدقة فان القطعة النقدية تنتقل من كف الى اخرى .. يتحسسها الرجال جميعا قبل أن يدسها أحدهم في كيس النقود .

يكرر العميان اسم الله عشرة آلاف مرة كل يوم .. بعد عودتي من مراكش اقتعدت الأرض ذات مرة مغمض العينين ، متربعا في ركن بحجرتي .. حاولت أن أردد : ” الله ، الله ، الله … ” حوالي نصف ساعة بالسرعة والايقاع المناسبين .. تصورت حالي عاكفا على نفس الشيء أياما ، أسابيع ، شهورا ، أعواما .. سائـرا نحو الكهولة والشيخوخة على هذا النحو ..

أدركت من هم هؤلاء العميان :انهم قديسوا التكرار .. نفس المكان .. نفس الصيحات .. وتقريبا نفس العدد المحدود من القطع النقدية))

 

arArabic