الصفحة الرئيسيةرأي

في ذكرى الثورة الجزائرية: نحتاج إلى الرفاهية بدل تكرار الشعارات

في الجزائر تتزين صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي بالأعلام، احتفالا بقدوم شهر نوفمبر. ما الذي تغير فيك وأنت من علمنا اليقينا. كل سنة يعود «نوفمبر» وكل سنة تخفت صوره ومعانيه التي تربت أجيال وأجيال عليه. كل مرة تبرد حرارة الطلقات المعلنة عن ذكراك في الساحات. عندما كان «نوفمبر» الجزائري ذكرى تقشعر لها الأبدان، ذكرى اندلاع ثورة عملاقة شكلت دروسا للحرية والانعتاق لكل العالم. ما الذي حول الذكرى المتوهجة إلى مجرد شعارات وألوان، وإن ملأت المكان، إلا أنها هجرت القلوب، مثلها مثل باقي المواسم والأعياد؟ هل خدعْنا الذكرى فخدعتنا بدورها؟!
فلم يجن الشعب ثمار تلك الثورة المجيدة، وهو يقرأ ويشاهد اعترافات وشهادات التخوين بين صناع الثورة. لم نكن نظن أن من بين كل الوزراء، قد يحمل أحد وزراء المجاهدين جنسية فرنسية، كغيره من وزراء سابقين يستعملونها عند الحاجة والأسوأ أن يلجأوا للإقامة في فرنسا، طوعا وليس كرها ويمتلكون العقارات في أفضل الأماكن!

كيف نستعيد رموزنا وأعيادنا؟ الشعارات مهمة لكن ليست الأهم، الأهم أن تسكننا الأعياد والذكريات بعدما تتحقق آمالنا في بلدنا، ولا نضطر للموت عرض البحر. نستعيد أمجادنا التاريخية عندما تتوفر لنا فرص التعليم وجودته في بلدنا ولا نقارن أو نساوم في بكالوريا جزائرية وبكالوريا «ليسيه» أندريه دوما. هذه الثانوية الدولية التي يدرس بها أبناء المسؤولين وأصحاب النفوذ بنسبة أكثر من 58 في المئة! الشعب البسيط لم ينس، ولن ينسى ما فعلته فرنسا وما خلفته من مآس، فهي مرسومة في كل مكان وفي كل وجدان، لكنه يتساءل لماذا وصلنا لكل هذه المآسي وضيق العيش ومحاصرتنا في لقمتنا اليومية.
يا ليت الرئيس يصدر قرارا صارما وحازما يجعل سعر البطاطا ينزل، البطاطا. يا إلهي. ألهذا الحد؟!
نعم فكل القرارات لم تفرمل الجشع والمضاربات وما زالت تصيب المواطن في مقتل، تحول حياته إلى جحيم في كل هذه السياقات المرهقة.
نحتاج إلى «نوفمبر الرفاهية» بعدما كان «نوفمبر الثورة» على الظلم. فليست إشكالية اللغة التي ما زالت تناقش في الجزائر بين النخب، بل أيضا إشكالية السوق اليومية التي أصبحت جحيما لعامة الشعب. ما زالت تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي المضحكات المبكيات على السيدة «بطاطا» التي «تشبه الذهب» ويمكن أن توضع حبة بطاطا بدل فص الماس، أو تكتب على وصفة دواء أو غيرها من النكات والأغنيات والتعليقات حول سعر البطاطا، الذي يزداد والذي وصل إلى 120 دينار جزائري. السعر الذي لم يعرفه المواطن عبر أجيال مواطنته في هذه الأرض. وضعية كارثية استهلاكية مفتعلة. نعم مفتعلة من تجار جشعين مسنودين ممن يضيقون على المواطن عيشته البسيطة.
هكذا انفعل فلاحوا منطقة الوادي الذين ينتجون البطاطا وتغزو منتجاتهم مدن الوسط كله. كتب أحد رواد الفيسبوك د_أحمد_مونيس (نقلا عن صفحة الجزائر) «لماذا يخزنون البطاطا ولا يتم إخراجها رغم أسعارها المرتفعة جدا؟ الهدف ليس تجاريا فقط، لأنه لو كانت مضاربة من أجل الأرباح فقط لأخرجوها الآن وأسعارها مرتفعة، إذا الهدف الحقيقي هو تكسير فلاحي ولاية الوادي. كيف»؟ يتساءل ليجيب «المعلوم أن البطاطا في ولاية الواد تنضج نهاية نوفمبر/تشرين الثاني بمجرد ظهورها في الأسواق يتم إخراج المخزون من غرف التبريد فتنخفض أسعارها دون 40 دينارا، ويتكبد الفلاحون خسائر كبيرة، خلال هذه الفترة يتم الابقاء على محصول بطاطا الشمال تحت الأرض إلى غاية نهاية الشهر، عندما تنفذ بطاطا الوادي من السواق، بعد ذلك يتم اخراجه وتخزين جزء كبير منه والجزء الآخر يتم بيعه بأسعار مرتفعة جدا».
يصل بعدها إلى نتيجة أنها مؤامرة «معروفة ومكشوفة ضد فلاحي ولاية الوادي وبسكرة بالخصوص. ولا يستهدفون زراعة البطاطا فقط، بل حتى البصل والجزر والثوم» بل مؤامرة على المستهلك البسيط. البطاطا طبق البسطاء اختفى من على موائدهم. وإذا لم تشبع البطون لن يغني الرأس ولن يحتفل الوجدان.

مريم بوزيد سبابو / القدس العربي

arArabic