الصفحة الرئيسيةثقافة \ أبحاثملفات خاصة

هل يجوز شرعا التضحية بالبهائم التي تتغذى على الأزبال

ذ: محمد الطوكي/ كلية آداب مراكش

;يسمي الفقهاء الحيوانات والدواجن التي تعيش على النجاسات ” بالجلاّلة” (بتشديد اللام الأولى). ويدخل في الحيوان عندهم البقر والغنم والإبل وغيرها، وفي الطيور الداجنة الدجاج والإوز وغيرها. وميزوا بين ما كان معظم علفه طاهرا فليس بجلاّلة، وبين تلك التي تعتاد أكل النجاسات، ولا يخلط معها طعام غيره،وتكون لها ريح نتنة، فهذه هي التي تدعى جلالة.

واختلف الفقهاء في أكل لحوم الجلالة فذهب أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل إلى حمل النهي الوارد في الأثر عن ابن عمر على الكراهة، وهل هي كراهة تحريم أو تنزيه فالقضية خلافية. ولأكل لحمها، عند المجوزين قالوا إنه لا يؤكل حتى تحبس أياما، وتعلف علفا طاهرا، فإذا استوى لحمها ولم يتغير لونه أو طعمه أو رائحته ولم يجد آكله في نفسه استكراها فحينئذ لا بأس بأكله.

 أما فقهاء المالكية فقد أباحوا أكل لحم الجلالة لاستحالة المأكول وصيرورته لحما.

وللتنزه والاحتراز من الكراهة، تحبس الجلالة حتى يذهب نتن لحمها، وقدروا للدجاج ثلاثة أيام، وأربعة للشاة، وعشرة للابل والبقر.

وإذا فالكراهة تزول بحبسها اتفاقا. قال ابن عمر: ” تعلف الجلالة علفا طاهرا، إن كانت ناقة أربعين يوما، وإن كانت شاة سبعة أيام، وإن كانت دجاجة ثلاثة أيام”. وهذا التقدير على سبيل التنزه، وليس شرطا في الأكل.

 أما بالنسبة للبنها فقد اختلف في طهارته، والجمهور على الطهارة، لأن النجاسة تستحيل في باطنها فتتطهر بالاستحالة.

قال العلامة محمد بن سعيد المرغيثي في مسألة الجلالة في منظومته تحفة المحتاج:  

       فصــل إذا بهيمـــة تلتقـــط         نجاسة تأكلها لا تربــــط

      فشرب لبنها على اختلاف         فيه ولحمها حلال صــاف

      وإن جهلت حكمها فالغالب        عليه يبني حكمها يا طالب

        وزبلها مع بولهـــا فنجـس         كزبل كل طائــــر يفترس

وللأخذ بالاحتياط في الطيور، كان المغاربة إلى وقت قريب يتخذون في بيوتهم أقفاصا في السطوح خاصة بالطيور، حتى يتأتى لهم أكل أطيب اللحوم ويطعموا أبناءهم وخاصة الصغار منهم جديد البيض وألذه وأنفعه.

وبعد فهذا منظور الفقه في العصر الوسيط في علاقة الحيوان والطير بأكل المتنجس. فماذا يقول الطب البيطري اليوم في المواشي السائمة في مطارحنا المعاصرة التي تختلف عن المطارح القديمة، أو ليست نفايات المستشفيات والمصحات والمختبرات والمصانع من بين مكوناتها؟ وما رأيهم في مقولة الاستحالة عند الفقهاء، استحالة المأكول النجس إلى لحم ولبن؟. ولم لا تقام بجانب مستودعات أزبال المدن مصانع لتحويل تلك القمامات إلى كلأ معالج، أو سماد أو غير ذلك مما يحافظ على البيئة، وينفع الحيوان الأعجم منه والناطق؟.

 

arArabic