وارتفعت موجة الهجوم على كيروش بقوة بعد الخسارة أمام نيجيريا بهدف نظيف في مباراة الافتتاح، لكنها بدأت في الخمود تدريجيا مع تحقيق 5 انتصارات متتالية، وإن كانت صعبة، منها 3 في الأدوار الإقصائية، قبل الاصطدام بالسنغال في النهائي والخسارة 2-4 بركلات الترجيح.

وتعزز قلق المصريين من أداء المنتخب الباهت هجوميا، بعدما أوقعت قرعة تصفيات كأس العالم 2022 منتخب “الفراعنة” في مواجهة السنغال في مارس المقبل، بمباراتي ذهاب وإياب حاسمتين سيتأهل الفائز بمجموعهما مباشرة إلى مونديال قطر المقرر أواخر العام الجاري.

وسجل منتخب مصر 4 أهداف فقط خلال 7 مباريات بمشواره في البطولة، من بينها اثنان لنجمه الأبرز محمد صلاح جناح ليفربول الإنجليزي، وثالث للمدافع محمد عبد المنعم أحد أبرز لاعبي البطولة، ورابع لمحمود حسن (تريزيغيه) مهاجم أستون فيلا الإنجليزي الذي يكافح لاستعادة لياقته البدنية والفنية بعد فترة غياب طويلة للإصابة.

لكن رغم ما يعتبر إنجازا، بالوصول لنهائي البطولة بعد مشوار مفخخ، قياسا إلى سقف التوقعات المتدني قبل البطولة، ومع صعوبة مواجهات مصر التي أقصت كوت ديفوار والمغرب والكاميرون البلد المضيف، فضلا عن كم كبير من الإصابات، لم يسلم كيروش من بعض الانتقادات، في حين رأى آخرون أنه تعلم من أخطاء البدايات وتخلى عن عناده في المباريات اللاحقة، ويحسب له أنه منح الثقة للاعبين جدد لفتوا الأنظار مع المنتخب.

فما أكثر مآخذ المتابعين على البرتغالي المخضرم صاحب الـ68 عاما؟

بدأ كيروش، الذي تولى المسؤولية قبل أشهر، بإثارة الجدل مبكرا، عندما قرر استبعاد نجمي الأهلي محمد مجدي أفشة والزمالك طارق حامد من تشكيلة المنتخب المسافرة إلى ياوندي لتمثيل مصر، وسط تعليقات على أسباب “شخصية” لغياب اثنين من أبرز لاعبي الكرة المصرية في الوقت الحالي.

وفي مباراة نيجيريا الأولى، فوجئت الجماهير باستمرار سياسة تغيير المراكز، حيث اعتمد كيروش على صلاح في قلب الهجوم ومصطفى محمد على الطرف والدفع بتريزيغيه غير الجاهز أساسيا، وبعد الخسارة والأداء السيئ تلقى المدرب سيلا جارفا من الانتقادات بلغت حد الحديث عن إمكانية إقالته مبكرا، بل إن مسؤولين بالاتحاد المصري لكرة القدم تطرقوا لمعضلة الشرط الجزائي الضخم في عقده.

لكن كيروش نجح في إسكات بعض هذه الأصوات بعد تعديل التشكيل وتحقيق فوز بهدف نظيف أحرزه صلاح في المباراة الثانية أمام غينيا بيساو، لينعش “الفراعنة” آمالهم في التأهل لدور الـ16 ويحقق كيروش نفسه فوزا معنويا مهما في مواجهة الصحافة التي قست عليه بشدة بعد الخسارة الأولى.

واستمر الحديث عن أهمية الفوز وحصد الثلاث نقاط بصرف النظر عن المردود في المباراة الأخيرة بالمجموعة أمام السودان، التي حسمتها رأس عبد المنعم الصاعد بسرعة الصاروخ، ليدخل المنتخب مرحلة جديدة وتتوارى الانتقادات الموجهة لسوء الأداء خلف ضرورة الالتفاف حول الفريق في مهام تبدو معقدة، بدأت في دور الـ16 أمام منتخب كوت ديفوار.

لكن سرعان ما عاد الهجوم على كيروش بسبب التأخر الشديد في تبديلاته، لا سيما الدفع بأحمد السيد زيزوالذي كلما حل بديلا أشعل النشاط في نصف الملعب الهجومي لمصر، إلا أنه شارك في مباراة “الأفيال” في التغيير الثاني بالدقيقة 84، بعد أن كان الإجهاد قد نال من معظم لاعبي مصر في حين كان منافسهم قد أجرى بالفعل 3 تغييرات بحلول الدقيقة 72.

مرت المباراة بسلام بالنسبة للمصريين لكن بعد معاناة مع الوقت الإضافي وركلات الترجيح، لتبدأ الاستعدادات سريعا لمواجهة المغرب في مأزق آخر مع دول شمال إفريقيا، إلا أن المنتخب المصري قدم فيها أفضل أداء له في البطولة تقريبا وقلب تأخره بهدف إلى فوز 2-1 بعد التمديد لوقت إضافي.

وفي لقاء نصف النهائي أمام الكاميرون اتخذ كيروش قرارات لم تكن واضحة للجماهير، عندما دفع بمحمد شريف في الدقيقة 106 ثم أخرجه مجددا في الدقيقة 118، ليغادر مهاجم الأهلي الملعب وعلى وجهه علامات الدهشة الممزوجة بالحزن وتتساءل الجماهير عن جدوى الدفع به أصلا إن كانت النية تتجه لإخراجه بعد 12 دقيقة فقط، في حين لم يلعب زيزو الورقة الرابحة إلا دقيقتين في نهاية المباراة لم يلمس خلالهما الكرة على الأرجح.

إلا أن أسهم الانتقادات تراجعت في المباراة النهائية، بعد 3 مباريات ماراثونية في أدوار الـ16 والـ8 ونصف النهائي، حيث بدا الإجهاد على لاعبي منتخب مصر من الدقيقة الأولى بمباراة السنغال التي استمرت بدورها حتى ركلات الترجيح، لكن الدفع بالمهاجم مروان حمدي في الشوط الثاني أثار موجة من السخط ضد كيروش بسبب ضعف إمكاناته الفنية والبدنية مقارنة بلاعبي المنافس.

ومع تبقي أسابيع معدودة على لقاءي مصر والسنغال في التصفيات النهائية لكأس العالم، تعود التساؤلات عن فلسفة كيروش مجددا إلى الواجهة، وإن كانت بطريقة أكثر عقلانية وسط آمال بتعلم المدرب من أخطاء بطولتي كأس العرب وكأس أمم إفريقيا، والصعود بالفراعنة إلى المونديال للمرة الثانية على التوالي والرابعة إجمالا.