الصفحة الرئيسيةملفات خاصةمراكش الذاكرة

هل تعلم أن عرصة مولاي عبد السلام بمراكش لها 3 قرون .. هذه قصتها

من أرشيف المراكشية 
 
تتميز «عرصة مولاي عبد السلام» بتاريخها الذي يعود إلى نحو ثلاثة قرون، فضلا عن حاضرها الذي جعلها توصف بـ«حديقة الإنترنت»، بعد أن تمت إعادة تهيئتها، قبل سنوات في إطار شراكة مع أحد الفاعلين في قطاع الاتصالات.
 
وفي مراكش، لا يمكن الحديث عن تاريخ «عرصة مولاي عبد السلام» من دون استحضار اسم السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله (1710م – 1790م)، كما يقترن الحديث عنها بحكاية فندق «المامونية» الشهير، الذي يستمد اسمه من الحديقة، التي عرفت في الماضي بـ«عرصة مولاي المامون».
 
علاقة «عرصة مولاي عبد السلام» و«عرصة مولاي المامون»، بالسلطان العلوي، سيدي محمد بن عبد الله، تجد صداها في بعض الكتابات التاريخية التي تذهب إلى أن كثيرا من البساتين والحدائق الموجودة في المدينة الحمراء كانت من تخطيط هذا السلطان، الذي «كان كلما بلغ أحد أبنائه سن الزواج زوجه ووهب له مسكنا خارج القصبة وأحاطه بالبساتين والجنان». وكانت «عرصة مولاي المامون»، هي هدية زواج السلطان العلوي إلى ابنه، الأمير مولاي المامون، في حين كان من نصيب أبناء السلطان الآخرين، وضمنهم الأمير مولاي عبد السلام، حدائق أخرى، في مراكش.
 
وتذكر كتابات المؤرخين أن مولاي المامون جعل من هدية والده مكانا للنزاهة، وهي العادة التي طبعت مراكش وميزت حياة المراكشيين على مدى قرون، من جهة خروجهم خلال العطلات إلى حدائق المدينة لقضاء ساعات من المتعة والنزهة، مصطحبين معهم فرق الموسيقى و«متسلحين» بأكلة «الطنجية» المراكشية الشهيرة، وغيرها من عناوين المطبخ المراكشي.
 
وفي الوقت الذي تحولت فيه «عرصة مولاي المامون» إلى فندق «المامونية» الشهير، الذي ظل يستقبل، منذ أن فتح أبوابه عام 1923، مشاهير السياسة والاقتصاد والفن في العالم، حافظت «عرصة مولاي عبد السلام»، التي تقع بجانب «باب النقب»، مقابل «قصر البلدية»، وعلى مسافة خطوات من فندق «المامونية» وصومعة ومسجد «الكتبية»، على وظيفتها بوصفها متنفسا أخضر في المدينة الحمراء قبل أن تنفتح قبل سنوات على التكنولوجيا الحديثة لتنتصب بها، إلى جانب أشجار الزيتون والنخيل، أجهزة إلكترونية موصولة بالإنترنت، تمكن المتصفحين من الإبحار إلكترونيا.
 
ويوجد في «عرصة مولاي عبد السلام»، التي تمتد على مساحة 8 هكتارات، مسرح صغير في الهواء الطلق، كما أنها تحتضن معارض ولقاءات ثقافية. ويبقى «متحف الاتصالات»، الموجود عند مدخل الحديقة، فرصة للزائر للتعرف على تاريخ الاتصالات في المغرب، حيث يخال الزائر نفسه يشاهد تحفا عمرها آلاف السنين، خاصة أن الهاتف الجوال، مثلا، الذي تحول اليوم إلى جهاز بحجم أصغر ووزن أقل، يبدو مختلفا، بشكل جذري، عن الهاتف الجوال، كما سُوق أول مرة، الذي يبدو اليوم، بدائيا، بشكل يدفع إلى الشفقة على كل مَنْ تباهى به أول مرة.
 
ولعل المثير في علاقة «عرصة مولاي عبد السلام» بفندق «المامونية» أن هناك أكثر من رابط تاريخي بين خضرة الحدائق وأحجار البنايات التي تؤثث للمدينة الحمراء. ومن ذلك العلاقة التي توجد بين «عرصة مولاي عبد السلام» و«دار بلارج»، حيث نقرأ في أقصوصة للكاتب الإسباني، خوان غويتسولو، بعنوان «الرجال اللقالق»، حكاية مغربية عتيقة، تقول إن الفلاحين الأمازيغ كانوا يعتبرون اللقالق كائنات بشرية تتلبس مؤقتا شكلها كطيور بغية السفر والتعرف على مناطق أخرى، فإذا عادت إلى البلد استعادت شكلها الأول. وفي المقدمة، التي وضعها غويتسولو لهذه الأقصوصة، نقرأ أنه، ما بين 1803 و1804، «عمد الأمير مولاي عبد السلام، نجل السلطان محمد بن عبد الله، وكان رجلا فقيها يهوى الموسيقى والشعر، إلى تحويل منزل كبير في المدينة العتيقة (لعله دار بلارج الحالية) إلى حبوس موقوف للعناية باللقالق معتلة الصحة. ورغبة منه في توفير أفضل الظروف لعلاجها، خصص للملجأ مداخيل كراء أحد الفنادق. لقد أعيد بناء الملجأ القديم، بعد خرابه، في ثلاثينات القرن الماضي، حسب قواعد المعمار التقليدي في مراكش، وفيما بين 1950 و1985 تم استعمال المبنى مدرسة، ثم ترك مجددا يواجه مصيره، بعد ذلك التاريخ. عندما زرت المكان، في أواسط التسعينات، وجدت أن الحمام قد احتله، كما ألفيت ساحته الجميلة مغطاة بجثامين طيور قضت نحبها، وبالريش والفضلات. واقتنت السيدة سوزان بيدرمان، في سنة 1998، ملجأ اللقالق القديم لإحداث مؤسسة لرعاية الثقافة بالمغرب تحمل اسم (دار بلارج)».
arArabic