الصفحة الرئيسيةثقافة \ أبحاث

موضوعات كتاب “الإعلام بمن حل بمراكش من الأعلام” ومنهجه وتراجمه/٣

منهج المراكشي في كتابهالأعلام” :

يفصل المراكشي الحديث عن المنهج المتبع في تأليف الكتاب، حيث رتب تراجمه على حروف المعجم، مقدما الأحمدين والمحمدين، وإن كان قد سلك فيترتيب تراجمه منهج أصحاب التراجم القدامى كابن الأبار، وابن الخطيب، وابن فرحون، وابن القاضي، فإنه قد اختلف عنهم في ترتيب حروف الأسماءمع مراعاة تقديم الأقدم تاريخا إن تعددت الأسماء، مترجما لرجال أغمات مع رجال مراكش، ولكل منوجده في الكتب منسوبا لمراكش وإن لم يقفعلى دخوله لها وولد بغيرها، وإنما نسب إليها لكون أصله منها“.(14)

كما أن كتب الملوك والخلفاء حظوا بعناية المؤلف، فترجم لهممبينا من اشتهرت كمالاته، وخفقت على رؤوس الأعلام راياته، مظهرا لشأنه بأحسنتنبيه، منوها لقدره بأرفع تنويه، مصرحا آخر الترجمة بمن ذكره، جامعا لما لديهم في ترجمته من الفصول المحررة“.(15)

ويعتذر المؤلف عن تقصيره إن كان قد أغفل ذكر بعض العلماء والصلحاء في كتابه، مبررا لذلك ببعده عن مسقط رأسه مراكش، إذ يقول :”وإنما ذكرتما وقفت عليه منهم في الكتب التي وصلت إلي، أو وقفت على اسمه ضمن التواريخ والفهرسات وغيرها الحاصلة لدي، لا سيما وأنني يومئذ عامسبعة وعشرين وثلاثمائة وألف هجرية (1909 هـ) عن مراكش مسقط رأسي بعيد غريب، مقيم بفاس طهرها الله من الأرجاس، وعن أهلي وكتبي التيألفت مطالعتها ومراجعتها جنيب“. (16)

ويلخص المؤلف طريقته في تأليف كتابهالإعلامفي الفصل الرابع من المقدمة فيقول، بعد أن يتحدث عن لغة الكتاب وعبارته :”وعبارة كتابنا هذاسهلة واضحة لا تعقيد فيها، يتأتى فهمها من كل أحد على اختلاف طبقات الناس، ففيه من الألفاظ ما يفهمه العامة ولا تنبو عنه الخاصة. فكل قارئيطالع فيه ما يلذ له ويفيده، وقد سلكنا فيه الطريقتين في التصنيف  :

– الطريقة الأولى : طريقة السبك في جمع المنقول، ثم بسطها بأوجز عبارة وألطف إشارة، وهي وإن كانت أتعب وأشق، أدق نظرا وأحق.

– الطريقة الثانية : طريقة التناسب، أي ترتيب ما يراد من النقول بعينها، ونظمها في سلك أساليب المطالب المرادة بزيادة شيء عليها أو نقصه منها،إما بعزو أو دونه على ما هو المعهود في ذلك“.(17)

ويرى المؤلف أنالمحافظة على كلام من تقدمه بنقله بنصه أسلم من الخطأ وأبعد من الزلل.(18)

والمؤلف يتحدث عن منهجه في كتابة تراجمه، ينتقل إلى الحديث عن تقاريظ كتابإظهار الكمال في تتميم مناقب سبعة رجالفيورد نص التقريظكاملا بعد الإشارة إلى صاحبه، فمنهم الشيخ عبد الحي الكتاني، ومحمد بن عبد الحفيظ الدباغ الحسني، والمهدي الوزاني، والعباسي بن أحمدالتازي، وعبد العزيز بناني، وأحمد بن المامون البلغيثي، وعبد الله الفاسي وعبد الحفيظ الفاسي، وأحمد المراكشي, وأحمد سكيرج والمفضل غريط،وبوجندار وغيرهم.

ويعتذر المؤلف عن هذا الاستطراد بإيارد تقاريظ كتاب آخر ليس هو موضوع الحديث بقوله: “وإنما ذكرت هذه التقاريظ لما تضمنته من الثناء علىسبعة رجال الذين شغلت تراجمهم من هذا التاريخالإعلامنحو ثمنه“.(19)

ثم يذكر عدد الكراريس التي خصصها لترجمة كل واحد (السبتي، الجزولي، السهيلي، الغزواني، التباع، القاضي عياض، يوسف بن علي“.

وقد تنبه الشيخ عبد الحي الكتاني إلى بعض المزالق التي وقع فيها المؤلفالإعلامكإغفال ذكر المؤلفات، والتحري في النقل عن بعض التقاييد،وتجنب الغلو في المدح والإطراء أو السب والطعن، وفي ذلك يقول :”ويرغبحفظه الله وأعلى كعبهفي ذكر النادرة والفائدة والنتفة الشعريةالشاردة، ويتعرض لذكر المؤلفات، ووصف نسخها صحة وسقما“. (20)

* موضوع كتاب الإعلام :

يشتمل كتابالإعلامعلى مقدمة تضم أربعة فصول، وعلى تراجم الرجال التي من أجلها ألف الكتاب.

– المقدمة :

اهتم المؤلف في مقدمة كتابه باستعراض تاريخ مراكش العمراني والسياسي والعلمي، متكئا على كتابات القدامى في الموضوع مؤرخين وجغرافيين،فقهاء ومحدثين. كما أنه اهتم بتاريخ أغمات، مشيرا إلى معالمها وخيراتها، منبها إلى فوائد علم التاريخ، مع ما يناسب ذلك من الاستشهادات.

كما أنه يتحدث في المقدمة عن حب الوطن، وما قيل من الأشعار في الحنين إلى الأوطان عند المشارقة والأندلسيين والمغاربة، مشيرا إلى مصادره تارةبدقة، وتارة أخرى يغفل ذكرها.

وقد سمى المؤلف ابن إبراهيم مقدمته كما جاء في خاتمتها :”الطالعة الزهراء في فضائل أغمات ومراكش الحمراء، وما يناسب ذلك من فرائد الفوائدالغراء“.(21)

وتشمل المقدمة أربعة فصول :

– الفصل الأول :

في ذكر مراكش، وتاريخ بنائها، وبيان مؤسسها، وجوامعها وقصورها، وجنانها، فهي كما وصفها أبو العباس السبتيمدينة العلم والخير والصلاح،(22) وكما وصفها ابن بطوطة،مراكش من أجمل المدن، فسيحة الأرجاء، متسعة الأقطار، كثيرة الخيرات، بها المساجد الضخمة، كمسجدها الأعظمالمعروف بمسجد الكتبيين، وبها الصومعة الهائلة العجيبة“.(23)

وقد أحصى المؤلف مساجد مراكش وصوامعها ومدارسها وزواياها وحماماتها، فكان العدد كالآتي :

– المساجد : مائة وستة وثلاثون مسجدا.

– الصوامع : (24) اثنتان وأربعون.

– المدارس : (25) ست، منها المرينية المشهورة باليوسفية، وقد بناها أبو يوسف يعقوب المريني، وأبو الحسن المريني.

– الزوايا : نحو الأربعين.

– الحمامات: أربعة وعشرون.

– الأفران : ستة وستون.

– الأبواب : أحد عشر.

– الفصل الثاني :

في أغمات ومالها من الخيرات والبركات، موردا أوصاف الجغرافيين والمؤرخين والأدباء، من ذلك ما جاء في كتابمعيار الاختيار في ذكر المعاهدوالديار، لابن الخطيب :”بلدة لحسنها الاشتهار، وجنة تجري من تحتها الأنهار، وشمامة تتضوع منها الأزهار، متعددة البساتين، طامية بحارالزياتين، كثيرة الفواكه والعنب والتينإلخ.(26)

– الفصل الثالث :

في سرد أسماء التصانيف المصنفة في البلاد والأقطار أوتوثيق دعائم الأركان بتعليق أسماء تصانيف الأقطار والبلدان“.(27)

في هذا الفصل يستعرض المؤلف أسماء المصنفات التي تناولت البلدان والأقطار في البلاد العربية والإسلامية، ولا شك أنه اطلع عليها أو على أغلبها،وأفاد منها. إذ أنه يلخص محتوى الكتاب في جملة أو سطر، منبها إلى أنه مطبوع إن كان قد طبع، وإن لم يطلع عليه يشير إلى ما أورده صاحبكشف الظنونعند الحديث عنه، يقول : “وقد تصفحت على هذا الفصلكشف الظنونمن فاتحته إلى خاتمته، ولخصت منه ما ذكرته فيه علىوجه الاقتضاب، وأضفت إليه ما ليس عنده مما حضرتني حين تقييده أسماؤه من التآليف مما يندرج في هذا الباب، ولم أقصد إيراد جميع ما وقفتعله على وجه الاستيعاب، وربما وقع فيه تكرار رغبة في جمع الأنظار“(28)

أما عدد الكتب التي ذكرها فيبلغ أربعمائة وثلاثين كتابات، وعدد المؤلفين نحو مائتين وثمانين. (29)

– الفصل الرابع :

في بيان ما يندرج من علم التاريخ في العلوم الشرعية وما يناسب ذلك من فرائد الفوائد.

في هذا الفصل، يشير المؤلف إلى العلوم الشرعية وعددها اثنا عشر، منها علم التاريخ، وقد جاء في تعريفه : أما علم التاريخ فهو معرفة أحوالالطوائف وبلدانهم ورسومهم وعاداتهم وصنائع أشخاصهم، وأنسابهم ووفياتهم، إلى غير ذلك. وموضعه أحوال الأشخاص الماضية من الأنبياء والعلماءوالملوك والشعراء وغيرهم، والغرض منه الوقوف على الأحوال، وفائدته العبرة بتلك الأحوال والتنصح بها، وحصول ملكة التجارب بالوقوف على تقلباتالزمان ليتحرز عن أمثال ما نقل من المضار، ويستجلب نظائرها من المنافع“.(30)

ويتكئ المؤلف على أقوال المؤرخين في بيان فوائد علم الأنساب، والعناية بالتراجم، منوها بأعمال المشارقة في الترجمة لأعيانهم وأدبائهم وعلمائهموحتى العامة منهم، أما المغاربة، فيظهر أن تقصيرهم في الترجمةإلا لمن سارت بمآثره الركبان، ولا يذكرون كل أحد“(31) يعود إلى ترفعهم وحصرالفضيلة في مشاهيرهم ورؤسائهم.

– تراجم الكتاب :

وتضم ألفا وستمائة وخمسين ترجمة، لكل من له صلة بمراكش، ولد بها، أو زارها، أو استقر بها أو كانت له صلة بأهلها، فعد من أبنائها، وكما يرىمحقق الكتاب الأستاذ عبد الوهاب بن منصور :”فقد حشر فيه أسماء جميع من وقف في المراجع القديمة والحديثة، على أنهم حلوا بمراكش وأغماتمن عظماء الرجال، سواء اشتهروا في ميادين السياسة والحرب، أو برزوا في مجالات العلم والأدب، أو بسقت دوحاتهم في جنات التقوى والصلاح،مضيفا إليهم حتى الذين لم يقف على دخولهم إياها صراحة، وإنما خدمتهم للملوك تقضي ذلك، موردا أكثر ما وقف عليه من أشعارهم وأخبارهموآثارهم نقلا عفويا يخلو غالبا من المقارنة والتحقق“.(32)

ويمكن تصنيف التراجم إلى :

– تراجم الملوك والأمراء.

– تراجم الأولياء والصلحاء.

– تراجم الفقهاء.

– تراجم العلماء والشعراء.

– تراجم النحاة واللغويين.

– تراجم المؤرخين.

– تراجم الوافدين من الأندلسيين.

– تراجم الوافدين من المشارقة.

لم يتقيد المؤلف بمنهجية واحدة في الترجمة لكل صنف من المترجم لهم، فهناك من تطول ترجمته، فتشغل أكثر من عشرين صفحة، وقد تقصر فلا تزيدعلى السطرين، يورد فيها ما ذكره السابقون من المؤرخين والفقهاء :من أقوال وروايات، وأخبار، وكرامات، وبركات، ومناقب، وآيات، مع مقتطفاتشعرية أو قصائد مطولة في بعض الأحيان.

وكثيرا ما كان المراكشي ينص على ذكر مصادره التي استقى منها مادته، كـنفح الطيبوأزهار الرياضوالإحاطةوالمسند الصحيحوالتكملةوالجذوةوغيرها.

وكما نبه إلى ذلك الشيخ الكتاني، المراكشي لا يشير إلى نوع المصدر المنقول عنه، أهو مخطوط أم مطبوع؟ ولا إلى إسم صاحبه، ربما احتفظ بها فيذاكرته من خلال قراءاته، أو نقلها حرفيا دون أن يهتم بالتفصيلات كما هو الشأن بالنسبة للمؤلفين القدامى.

ويظهر أن استخلاص آراء المؤلف أو انتقاداته أو تعليقاته على المترجم لهم أو على آثارهم من الصعوبة بمكان، ذلك أنه قد سيجمع في كثير منالأحيان ما ورد في الترجمة الواحدة من مصادر عدة دون إشارة أو تمييز بين هذه الترجمة أو تلك، وإن كان يشير إلى المصدر الذي أخذ عنه متى بداله ذلك، لذلك جاء كتابه :”موسوعة ذات أهميةكما وصفه المحقق.(33)

وقد رتب المؤلف تراجمه ترتيب الألفبائية المغربية، مقدما الأحمدين والمحمدين تعظيما للرسول عليه السلام، ناهجا في ذلك نهج ابن الخطيب فيالإحاطةوابن الأبار فيالتكملة“.

أما المحقق، فقد اتبع في ترتيبه ترتيبا مخالفا للمؤلف، إذ اعتمد ترتيب الألفبائية المغربية من أول ترجمة مع حذف الكنى التي لا فائدة في إثباتها، معالتقيد بحرفية الكتاب،فلم يتصرف فيها بزيادة أو نقص“.(34)

أما عن التحقيق، فهو في رأي الأستاذ ابن منصور :” تحرير الكتاب من أخطائه، وتقويم ما أعوج من عبارته، بمقابلة نصوصه بالأصول التي نقل منهاالمؤلف، مع الإشارة إليها في آخر كل نص أو آخر كل ترجمة، مكتفيا بشرح بعض الألفاظ والعبارات الغريبة، عربية وأعجمية، ومحلية“.(35)

وبالرغم من قيمة الكتاب باعتباره مصدرا للأخبار والفوائد وفي التأريخ لمدين مراكش ولأبنائها، فهو في رأي المحققجونة خرافات، وعيبة ترهات، وفيهاستطرادات عقيمة سقيمة تشحن النفس سأما، وتبعث على الغثيان، والمؤلف يوردها في صور مناقب وكرامات“(.36)

ويرى المحقق أن كثرة المنقولات والاستطرادات أخلت بقمة الكتاب، فلم يبقللمؤلف من التأليف إلا الاسم، فجل ما في كتابه منقول من كتب أخرىنقلا كليا أو جزئيا، وأحيانا من غير تسلسل منطقي ولا انتقاء“.(37)

ويختم المحقق حديثه عن كتابالأعلامقائلا: وكيفما كان الأمر، فإن القاضي العباس بن إبراهيم السملالي مؤلف الكتاب، يبقى له فضل كبير علىمراكش خصوصا، والمغرب عموما، لتعلق همته بتأليف هذا الكتاب الذي سهر لجمع شتاته الليالي، وبذل في تأليف مادته الأموال“. (38)

1) – تقديم كتاب الإعلام للأستاذ عبد الوهاب بن منصور. ج:1/هـ

2) – مطابع سلا 1988 – ص :12.

3) – تقديم الإعلام، ج:1/و.

4) – تقديم ج: 1/ز.

5) – ج : 1/ط.

6) – يظهر أنه مخطوط.

7) – مطبوع طبعة حجريةالجزء الأول.

8) – ج: 1/ط.

9)– ج :1/28.

10) – ج: 1/20.

11) – ج: 1/23.

12) – ج: 1/28.

13) – ج: 1/24.

14) – ج: 1/25.

15) – ج: 1/26.

16) – ج :1/136.

17) – ج: 1/136.

18) – ج: 1/56.

19) – من رسالة تقريظ الكتابالإعلام ج:1/396 . الطبعة الأولى.

20) – ج:1/ ص :146.

21) – ج:1/ص “64. يشير المؤلف إلى أنه نقل قول السبتي من ترجمته في المعزى.

22) – ج:1/80، نقلا عن رحلة ابن بطوطة، ج:2/188.

23) – ج:1/94.

24) – ج:1/98.

25) –ج: 1/109.

26) – ج:1/111.

27) – ج:1/13.

28) – ج:1 /131.

29) – ج:1/135.

30) – ج:1/139.

31) – ج:1/.

32) – ج: 1/ط.

33) – د:10/444، أما تتبع كل ما ورد في الكتاب فعمل لم يقم به المحقق كما ينص على ذلك.

34) – ج:10/444.

35) – ج:10/444.

36 )– ج:10/45.

arArabic