الصفحة الرئيسيةرأي

مبارك ياحاج.. لقب عزيز مع مسؤولية عظيمة

* مبارَكٌ يا حاجّ*

بقلم الدكتور أسامة شعبان/ لبنان

1- ما يزال الحج عظيمًا في عيون المسلمين.. يُكْبِرون من ييمّم تجاه الكعبة مُحْرِمًا.. يباركون له قبل السفر وبعده.. يتمنّون التيسير ويسألون الدعاء.. يزيّنون ويحتفلون بعودته.. وينادونه كلّ العمر: يا حاجّ.. وهو لقب عزيز غالٍ على كلّ من حج بيت الله أنه نال هذا الشرف العظيم.

2- حجّ بيت الله مسؤولية كبيرة على أكتاف من حجّ، فاللائق به أنه لا يترك صلاة ولا واجبًا، ولا يكذب ولا يغش ولا يخون، ولا يشتم ولا يظلم ولا يتهاون في فريضة… الحج بياض كتاب لا ينبغي توسيخه… عهدٌ بين العبد وربّه أنني لا أعود إلى المعصية.. الحج إكرام من الله لمن خلّف الدنيا خلفه ولجأ إلى باب رحمته مخلصًا ملبيًا طائفًا ساعيًا واقفًا محلّقًا راميًا.. بأنه سيعود خِلْوًا من المعاصي الكبيرة والصغيرة.. فكيف لعاقل بعد هذا أن يعود إلى ما كان!

3- إنّ الحجّ أكثرُ شعيرة تستميل عيون المتابعين، وتعلن عن الإسلام والمسلمين.. فكثير من أصحاب الأديان الأخرى لا يعلق في أذهانهم سوى طواف الطائفين بالكعبة المجلّلة بالستار الأسود المذهب بالآيات القرآنية، وسوى موقف الواقفين على جبل الرحمة وما حوله في عرفات. يعني أن الحج يمثّل سفيرًا حقيقيًّا وإعلانًا رئيسيًّا لدين الإسلام.

4- كل حاجّ عليه مسؤولية كبيرة في الحج، فما أكثر المراقبين الذين ينتظرون فشل الموسم، ووقوع أحداث تنفّر الآخرين من الإسلام! إلا أنه بحمد الله، رغم اختلاف اللغات، وبعض العادات، وتفاوت مستويات القدرة المالية، وكثرة الحجاج… في مكان واحد، في زمان واحد، في عمل واحد.. هناك انسيابية في أداء الشعائر، مع النظافة والترتيب، والرحمة والتوادّ.. المؤمن أخو المؤمن، ولا جدال في الحجّ..

5- موسم الحج شعور دفّاق يعمّ الدنيا.. هل تعرفون مسلمًا لا يبكي عند رؤية جموع الحجيج طوافًا بالكعبة.. وسعيًا بين الجبلين.. ووقوفًا بعرفة.. ورميًا للحصيات؟! ما هذا الأنس الذي يجري في عروق المؤمن؟! الحنين الذي يزيد دقات القلب؟! يا أيها الحجّ.. أيها الركن العظيم.. ماذا فعلتَ وتفعلُ بنا؟! كم هو جميل ديننا بكل تفاصيله.. بأدق أحكامه.. بمعانيه ومغازيه.. بحِكمه وآدابه!

6- “لبيك اللهم لبيك.. وإن لم أكن بين الحجيج ملبيًا”.. عبارة تلفّ الدنيا؛ قراءةً وكتابةً.. وهل طاعة الله والتسليم له محصورة بالحجاج؟ لا، فالمؤمنُ حقُّ المؤمن عبدُ الله أينما كان، وفي أيّ زمان، يعبد الله كما أمر الله.. ويتمثّل أفعال الحجاج في يومياته.. يطوف الأمكنة ويسعى لا يملّ طاعةَ الله.. ويقف مجتمعًا مع إخوانه على هدف رضا الله، ويرمي الشيطان بمخالفته ومحاربته.. يتبع سبيل أنبياء الله.. ويجدّد التوبة لله.. ويتعهّد بأن يكون على منهاج سيده محمد نبي الله..

7- قد تملّ تكرار السفر إلى بلد معيّن مهما كان جميلًا أخّاذًا.. قد يمنعك الكِبَر والمرض والخوف وما شاكَل ذلك.. أما الحج فقصة حبّ مختلفة، دموع غرام عبر مرسال الشوق، لا ينقطع.. لا يخبو.. لا يتبدل.. الحجّ شعور قد تعجز عنه الكلمات.. نداء يتغلغل في أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى يوم القيامة.. فيا سعادة من لبّى نداء أبي الأنبياء إبراهيم الخليل!

8- الدنيا أحلى مع الحج.. مع الكعبة.. مع زمزم.. مع الوقوف والطواف والسعي والحلق والرمي.. مع كل منسَلَك في أعمال الحج.. مع زيارة الحبيب الغالي محمد عليه الصلاة والسلام.. مع المزارات والرحلات للمساجد والمَشاهد والمواقف والمتاحف والمقامات.. مع التمتع بأبهى الأوقات، وعَيش أحلى الذكريات.. في بلاد الحجاز مهوى القلوب.

*تأمّل فرح الانطلاق في سفر الحج.. لذةَ العبادة التي تشعر بها جوارحُ الحاج.. الصبرَ الذي يتلبّسه المحرِم.. واعتزازَ لُبْسِ الأبيض.. بنية الرجوع ببياض الصحائف التي تنوّر كتاب الأعمال في الآخرة، وتثقل ميزان الحسنات. تأمل عناق الأهل عند الوداع، وقلوبَ المودّعين التي تسافر مع ركائب الحجاج. تأمل هذا الجمال الذي اسمه الحجّ.. واسأل الله ألّا يميتك قبل أن تحقّق هذه الأمنيّة*.

د. ش. أسامة شعبان
o.shaaban1976@gmail.com
o.shaaban@hotmail.com
صفحة فايسبوك الدكتور أسامة شعبان
fb.com/Dr.Ousama.Shaaban
Instagram.com/shaabanousama

arArabic