الصفحة الرئيسيةرأي

تأمَّل …. عالَمية الرّسالة / ج2

*بسم الله الرحمٰن الرحيم*

1- جده لأبيه عبد المطلب (شيبة الحمد) ابن هاشم القرشي، وجدته لأبيه فاطمة بنت عمرو المخزومية، وجده لأمه وهب بن عبد مناف الزهري، وجدته لأمه بَرّة بنت عبد العزّى الدارية.
2- توفي والده العشريني (25 سنة) الشاب في مهمة تجارية في يثرب (المدينة)، ولدته أمه العشرينية (20 سنة) الأرملة وهي وحيدة، تفتّحت عيناه على الدنيا في يُتم مبكّر جدًّا، فَقَدَ صغيرًا في الأبواء (بين المدينة ومكة) دفء حضن الوالدة بعد سنوات قليلة وشهد موتها، حَنَا عليه جدُّه، كفله عمُّه، عاش زعماء قريش أثرياء والفتى فقيرًا عائلًا، لم يكن من أفراد الطبقة الحاكمة.
3- نبغ في التجارة فذاع صيته؛ ذكيًّا أمينًا محبَّبًا سَمْحَ الوجه، دعته أرملة ثرية سيدة من عِلْيَة القوم ليتّجر لها وكيلًا عنها، بدأ الحب فتزوّجها، ولدت له ستة أولاد، تعاون معها على حسن تربيتهم.4- عادات قومه خليط من الغثّ والسمين، ففيها التسلّط بكل متحوّراته وشروره، وفيها المروءة بكل عناوينها وتفرّعاتها؛ فاستطاع أن يتعايش معهم؛ معوانًا على الخير نفّاعًا في كل منسلك برّ، معصومًا محفوظًا من كل رذائل الجاهلية ومجونها وفسوقها، مقاتلًا مع قومه ضدّ المعتدي حين دعت الضرورة، حكيمًا مُخلِّصًا لهم من الفِتَن حيث استطاع، وحَكَمًا منصفًا بين المتنازعين عندما يُدعى، فكان زينةَ كل زَيْن، وأبعد الناس عن كل شَيْن.
5- أتم الأربعين، والأربعون غالبًا تمام الرجولة والعقل، وعلى بُعد خمسة كيلومترات من وسط مكة شقُّ الغار في أعلى الجبل أنيسه وسلوته؛ متأملًا ومبتعدًا عن شرك قومه وظلمهم، وأتاه التكريم والتفويض؛ رسالةً للعالمين، فحملها وتدرّج في نشرها من باب حكمة التوقيتين الزماني والمكاني، في الوقت الذي كانت فيه مكة نبض الحياتين الدينية والتجارية في شبه الجزيرة العربية، ومحصنة بالصحاري حولها ومتمركزة في وادٍ كثير الجبال المحيطة به، ما جعلها بعيدة عن احتلال الأجنبي.
6- لم يكن أول من سمي محمدًا، لكن كان أول من سمي أحمد، وهو محمود أيضًا في الأرض والسماء، وهو نبي آخر الزمان الذي أوصى كلُّ سفراءِ الله الأنبياءِ أتباعَهم باتّباعه، وهو ليس من بني إسرائيل ولا من نسل الملوك، بل هو من ذرية النبي إسماعيل الذي ولدته جارية صالحة للنبي إبراهيم اسمها هاجر، ولا يُعرَف لها اسم أسرة، إنه اليتيم الذي ساد الكون.
7- على نحو مماثل لِسِيَر غالب إخوانه في دعوة التوحيد، أنبياء الله تعالى، واجه تعنُّت قومه الذين توارثوا الشرك ورموزه، ولم يؤمن إلّا القليل؛ فهو بالنسبة إليهم جاء ليغيّر مجتمعهم، وليس معتقداتهم الدينية فحسبُ، فعدّوه خطرًا على مُجْمَل كيانهم، على موسم حجّهم، وعلى تجاراتهم وتحالفاتهم وإقطاعهم وأموالهم وحُكمهم وقوانينهم، دعا لتسفيه أحلامهم وذمّ أصنامهم والحَطّ منها، والتي هي مقصد العرب.
8- أقوى الناس حجةً أنبياءُ الله إخوةُ العقيدة الواحدة، وأكثرهم إقناعًا في النقاش، وألطف الناس في الدعوة إلى دين الله السماوي الوحيد الإسلام، ولا يملّون ولا يكلّون من تعداد طرائق النصح والإرشاد؛ صبرًا ومصابرةً، بما جعل اللهُ فيهم من نبيل الخصائل، وجميل الشمائل، وجليل الفضائل.
9- خطّط المشركون للنيل من سمعته وصدقيته، ولكنهم كانوا يجمعون الماء في غربال، وخاب كيدهم، وسقطت دسيستهم، فسُمْعته قبل نبوته ذهب خالص، وبعدها لمّاعة لا تصدأ، فهو المنصور المؤيَّد المُعان بجيوش ألطاف الله الحافظ لِسُمْعة نبيّه الطاهر.
10- تفنّن المشركون في الترغيب والترهيب له ولأتباعه، وتدرّجوا في معاداته؛ مراعاةً لمكانة جده وعمه وزوجه، وحفظًا للرحم والنسب والعُرْف والتقليد، ومنعًا من الفرقة والشّقاق وانفراط نظم عِقْدهم… إلى أن طفح كيلهم منه فخطّطوا لاغتياله قبل هجرته وتشكيل دولته وتعاظم قوته.
11- كان النبي الملهم يدرك أن عادة الطغمة الحاكمة المتسلطة أنها لا ترحّب بالثورات على النظام القمعي الفاسد الساري، فكان يعدّ العدّة للتغلب عليهم بالصبر والمداراة أولًا، والمواجهة والصمود ثانيًا، والقوة والعفو ثالثًا، والإحسان والاحتواء رابعًا، ليكونوا أهل منعَته ويفتح بهم الأرض.
12- كأن حركة التاريخ دائرية، فها هو يتعرّض لِما تعرّض له كثير من إخوانه الأنبياء على المَحَجّة عينها، الاغتيال الجسدي، وقد شاء اللهُ قبلًا استشهادَ كثيرٍ من الأنبياء على يد أهل الغَدْر والمَكْر والشرّ والكفر، لكنه حفظ آخر أنبيائه بعثةً لإكمال الرسالة المتمِّمة الخاتِمة للعالَمين.

*تأمّلْ ثمّ تأمّلْ.*

د. ش. أسامة شعبان
o.shaaban1976@gmail.com
o.shaaban@hotmail.com
صفحة فايسبوك الدكتور أسامة شعبان
@Dr.Ousama.Shaaban

arArabic