الصفحة الرئيسيةثقافة \ أبحاثملفات خاصة

رياضات مراكش.. متحف مفتوح للزليج المغربي

الفسيفيساء أو كما يقال له في المغرب “الزليج المغربي”هو من المنتوجات الحرفیة الأصیلة، ومظھر من مظاھر خصوصیتھ الثقافیة والتراثیة التي تمیزه عن غیره منذ عدة قرون. عرف في السنوات الاخیرة رواجا كبیرا، یعود الفضل فیھ إلى الأجانب الذین سحرھم بجمالیتھ وألوانھ التي تستحضر عبق الشرق وسحره في مخیلاتھم فوظفوه في الدیكور المنزلي بشكل كبیر، خصوصا مع ظھور طفرة الأجانب الذین سحرھم المغرب بعبقه الشرقي، واختاروا شراء بیوت قدیمة وترمیمھا بشكل حرصوا فیھ على عراقتھا وعلى كل خاصیاتھا التي یعود بعضھا إلى العھد الأندلسي.

فمدینة مراكش مثلا أصبحت في الآونة الأخیرة مثل متحف مفتوح لھذه البیوت، ویطلق علیھا «الریاضات» بأجوائھ التي تجمع عراقة الماضي بتسھیلات العصر، لتتحول إلى واحات تنافس أفخم الفنادق. كما أن الزائر إلى أوروبا لا بد أن یلاحظ انھ لم یعد قصرا على البیوت المغربیة القدیمة أو «الریاضات» التي رممھا الأجانب، وأنھ دخل اوروبا من اوسع الأبواب، خصوصا في دیكورات المطاعم، التي عرفت السنوات الاخیرة طفرة من المطاعم المغربیة، التي إن لم تلق نكھتھا قبولا وتقبلا من قبل المتذوق الأجنبي، إلا انھا أغرتھ بأجوائھا ودیكوراتھا، التي یعتبر «الزلیج» احد اھم عناصرھا. استعمالھ في اوروبا لا یقتصر على مھندسي اللقطات الخاصة بصفحات الأزیاء، بدءا من فوغ إلى «إیل» وغیرھما.. الدیكور الداخلي أو اصحاب المطاعم، لأن الموضة ایضا سحرھا بجمالیتھ وتنوع الوانھ وأشكالھ، فجعلتھ خلفیة مثیرة عند تصویرھم
الجدیر بالذكر ان استخدامھ بدأ منذ العھد البیزنطي، كما تدل على ذلك آثارھم، وكما تدل على ذلك جدران كنائسھم المزینة بالفسیفساء التي تنتظم إلى جانب الحجارة والمواد الملونة بقطع الزلیج، وإن كانت مصادر أخرى تؤكد أن ھذه الصناعة التراثیة تعود إلى ثلاثة آلاف سنة قبل المیلاد، وكانت تنتشر في بلاد ما بین النھرین،.

لكن الشائع أن الاھتمام بالفسیفساء، ویشكل الزلیج البلدي جزءا منھا، بدأ منذ القرن الرابع قبل المیلاد، في عدة مناطق كانت تعیش تحت امرة الیونانیین، ثم ورثھا عنھم الرومانیون الذین ابتكروا أشكالا جدیدة زادت الفسیفساء جمالیة في فترة ما بین القرنین الثاني والثالث. وفي القرن السادس المیلادي، إبان الامبراطوریة البیزنطیة، اصبح الزلیج قطعة أساسیة في الفسیفساء توارثتھا الأجیال.
ورغم ما یتمیز بھ الزلیج البلدي المغربي من خصائص فنیة وتقنیة أكسبتھ شھرة كبیرة، سواء في دول الخلیج أو أوروبا وصولا إلى أمیركا، فإن استخدامھ في المغرب حالیا یبقى محدودا ویقتصر فقط على المیسورین. فثمن المتر المربع یبلغ 5000 درھم (حوالي600 دولار)، وھو ثمن مرتفع مقارنة مع الزلیج العصري الذي یتزاید علیھ إقبال ذوي الدخل المحدود، لكن رغم ثمنھ المرتفع، واعتبارا لأھمیتھ في التزیین، فإن المعماریین وخبراء الدیكور یشجعون على استخدامھ، خصوصا في الفیلات ذات الطابع التقلیدي الأندلسي، و«السقایات»، إلى جانب الفضاءات ذات الخصوصیة التاریخیة التي تتم زخرفة جدرانھا بالزلیج التقلیدي على ید حرفیین مھرة، إلى جانب استخدامه في تزیین الأرضیات أو الجدران الداخلیة.

arArabic